القائمة الرئيسية

الصفحات

تعريف السلوك العدواني ومظاهره .

تعريف السلوك العدواني

 

لقد اختلفت تعريفات العدوان وتعددت، فلم يتفق الباحثون على تعريف محدد له، مما يوحي
بأن العدوان سلوك معقد، وأسبابه كثيرة ومتشابكة، وتصنيفاته عديدة كذلك .
يعرفه فؤاد البهي السيد ( ١٩٨٠ ) أنه " الإستجابة التي تعقب الإحباط، ويراد بها إلحاق الأذى بفرد
آخر، أو حتى بالفرد نفسه، ومثال ذلك الانتحار، فهو سلوك عدواني على الذات". ويذكر غيث
أو استبعاد فكرة ،Adler ١٩٧٩ ) أن العدوان "رغبة في ممارسة القوة على الآخرين عند أدلر )
الموت عند فرويد".
٢٠٨ ) العدوان بأنه "يشير إلى أي أذى مقصود : ويعرفه محي الدين أحمد حسين ( ١٩٨٧
يلحقه (الطفل) بنفسه، أو بالآخرين، سواء كان هذا الأذى بدنيا، أو معنوياً مباشراً، أو غير مباشر،
صريحاً
 ٢١ 
أو ضمنياً، وسيليا، أو غاية في ذاته، كما يدخل في نطاق هذا السلوك أيضاً أي تعد على
الأشياء أو المقتنيات الشخصية بشكل مقصود، سواء أكانت هذه الأشياء ملكاً للفرد أو الغير.
ويعرفه حامد زهران ( ١٤:١٩٨٧ ) أّنه " الهجوم نحو شخص أو شيء مسئول عن إعاقة بالغة،
مثال ذلك الكيد والتشهير والاستخفاف أو الهجاء" .
١٩٧٣ ) ودولا رد و ميللر ) Chaplain ويتوافق تعريف زهران مع تعريف كلٍ من
١٩٣٩ ) في تعريف العدوان حيث رأوا "أن العدوان له علاقة مباشرة أو غير مباشرة )
(٨: بالإحباط"(الشريف، ١٩٩٠
١٥ ) أنه " ذلك السلوك الظاهر والملاحظ الذي يهدف إلى إلحاق : ويعرفها الفنجري ( ١٩٨٧
الأذى بالآخر أو بالذات، ويعتبر هذا السلوك تعويضاً عن الإحباط الذي يعانيه الشخص المعتدي" .
١٩٧٦ ) أن العدوان قوة دافعية موروثة، ربطت بين غريزة العدوان ) Schneider كما يري
بحاجة الإنسان إلى التملك والسيطرة، فالإنسان يعتدي من أجل إشباع حاجته الفطرية للتملك والدفاع
عن ممتلكاته، فعندما يشعر بتهديد خارجي لنفسه أو لعرضه وممتلكاته، تتنبه غريزته العدوان فتتجمع
طاقتها ويغضب ويتوتر ويختل توازنه الداخلي للعدوان لأية إثارة خارجية بسيطة، وقد يعتدي بدون
إثارة خارجية حتى يفرغ طاقته العدوان، ويخفف من توتره النفسي، فعندما يمنع الإنسان من العدوان
لا يهدأ، ويستمر توتره، حتى يتم تصريف طاقته ويفرغها، إما بالاعتداء على مصدر بديل أو في
. ( ٣٠ : نشاطات رياضية عنيفة (موسى، ١٩٩١
١٣ ) العدوان أنه "ذلك السلوك الظاهر الملاحظ الذي يهدف : ويعرف فضل أبو هين ( ١٩٨٥
إلى إلحاق الأذى بالآخر بشكل مباشر أو غير مباشر مادياً أو معنوياً، وهو الذي ينتج عن الضعف
والكراهية من الآخر، وهذا السلوك يهدف إلى التوافق مع الواقع.
إ  ن المتفحص للتعريفات السابقة للعدوان ، يجد أن بينها بوناً شاسعاً من الإختلاف، وأن
محاولة تعريف العدوان تعريفاً جامعاً لهو أمر صعب المنال، فهو مصطلح يستخدم لمتنوعات سلوكية
مختلفة، والإشارة بها إلى كثير من الوظائف المختلفة للسلوك، وهذا ما يوجد الخلط والاختلافات في
التعريفات، إضافة إلى تباين الانتماءات ووجهات نظر أصحاب هذه التعريفات يزيد من صعوبة
العدوان تعريفاً جامعاً مانعاً، إ ّ لا أننا يمكن أن نلاحظ بعض الملاحظات من خلال استعراضنا لهذه
التعريفات وهي :
اتفقت بعض التعريفات على أن السلوك العدواني ينتج عن الإحباط والصراعات الداخلية
،( والخارجية أمثال : حسن الفنجري ( ١٩٨٧ )، فؤاد البهي السيد ( ١٩٨٠ )، حامد زهران ( ١٩٧٨
١٩٧٣ ) نجيب اسكندر ( ١٩٦١ )، وركس ومارجريت نايت ) Chaplint ،( دولار وميللر ( ١٩٣٩
 ٢٢ 
١٩٧٠ ) واتفق بعضها الآخر على أن السلوك العدواني يمثل الجوانب السلبية من هدم وإيذاء وتخريب )
وإيلام للآخرين ولا يرون فيه أي جانب إيجابي أمثال: أدلر ( ١٩٧٩ )، عصام فريد
١٩٧٣ )، عبد الله ) Chaplint ،( ١٩٨٦ )، فضل أبو هين ( ١٩٨٥ )، محي الدين أحمد ( ١٩٨٧ )
( عسكر ( ١٩٨٨ )، حسن الفنجري ( ١٩٨٧ )، حامد زهران ( ١٩٧٨ )، فضل أبو هين ( ١٩٨٥
من خلال التعليق السابق يميل الباحث الحالي إلى تأييد رأي كمال موسى، أن السلوك
العدواني هو نتيجة تفاعل عوامل فطرية وأخرى بيئية، وذلك من خلال ملاحظات الباحث في مجال
عمله في التدريس، فقد رأى أن بعض الطلاب يميلون إلى الهدوء وعدم الحدة في المزاج، وبعضهم
يمارسون السلوك العدواني بجميع أشكاله، ومن خلال دراسة بعض حالات هؤلاء الطلاب، تبين أن
بعضهم يعيش في أسر تهتم بأبنائها وتحرص على أدبهم وتحصيلهم العلمي، مما يكسبهم احترام
وتقدير المدرسين، وهذا ما يدفعهم إلى الالتزام وعدم الفوضى أو العدوان، والبعض الآخر تبين أن له
زمرة سيئة، والأهل غير مهتمين به مما يدفعهم إلى أن يسلكوا السلوك العدواني بأشكاله المتعددة
بالضرب، والشتم، أو السخرية أو الحسد، أو سرقة الحاجات الخاصة، أو الاعتداء على الممتلكات
العامة، أو ممارسة بعض التصرفات الجنسية أمام الطلاب . إ ّ لا أنني -وفي خضم التعرف على
السلوك العدواني - أجد نفسي مضطراً للتعريج على بعض المصطلحات ذات العلاقة بالعدوان حتى
(Anger) يتبين مفهومه جلياً واضحاً لا لبس فيه، من هذه المصطلحات الغضب
رغم وجود فروق (Aggressiveness) والعدوان (Violence) والعنف (Hostility) والعدائية
وحدود بين هذه المصطلحات.
(Anger) ١-الغضب
هو استجابة انفعالية داخلية تتضمن شعوراً بالتهديد، وردود فعل أدرينالية، تهيئ الفرد للاعتداء على
(٢٥ : مصادر تهديده (النمر، ١٩٩٥
ويرى قرقز أن الغضب هو الغيظ والسخط والانفعال، وهو ضد الرضا وهو حالة من
الاضطراب العصبي، وعدم التوازن الفكري تحل بالإنسان إذا اعتدى عليه أحد بالكلام أو غيره
. (٢٠٧: (قرقز، ١٩٩٩
حيث يرى : (Coles) إ ّ لا أن هناك بعض العلماء أظهر الفرق بين العدوان والغضب منهم كولز
أنه يمكن للشخص أن يكون عدوانياً دون أن يشعر بالغضب، كما أنه يشعر بالغضب دون أن يكون
. (٢٢٣ : عدوانياً (كولز، ١٩٩٢
"الفتح ، ٢٩ "وأما الإفراط الذي يعني زيادة الغضب، حين يخرج عن العقلانية والحكمة، فيفقد
الإنسان بصيرته فهو غضب مذموم، وكذلك في حالة التفريط دليل على ضعف النخوة في الدفاع عن
 ٢٣ 
العرض والوطن والدين، واحتمال الذل، فالغضب المحمود هو الذي يتطابق مع العقل ويواكب الدين
. (٦٠ : ( منصور، ٢٠٠١
: (Hostility) ٢-العدائية
١٩٠٩ ) حيث ركز على الحالة ) Zillman هناك فرق ما بين العدوان والعدوان، يبينه زيلمان
الدفاعية لكل منهما . فأشار إلى أي نشاط يقصد به الشخص الإيذاء البدني أو الألم لشخص آخر،
يطلق عليه سلوك عدواني بينما أي نشاط يقصد به الشخص إيذاء الآخرين دون أن يتضمن ذلك إيذاء
.(١٩ : بدنياً يطلق عليه سلوك عدائي، (شريف، ١٩٩٢
الذي يعرف "BOSS ويرى بعض الباحثين أ ّ لا فرق بين العدوان والعدائية، ومن هؤلاء "بوس
العدائية بأنها عدوانية مصحوبة، بالأذى وبأنها تتضمن التقديرات السالبة للأشخاص والأحداث (فولدز ،
. ( هوب، ١ : ١٩٨٤
هي مشاعر الكراهية والشك والريبة والمفاصلة بل المقاطعة تجاه فرد أو مجموعة من الأفراد،
والمعاداة عكس المودة، فهي تتضمن الجانب المعرفي والوجداني للعدوان، وقد تدفع العدائية لحدوث
العدوان، أما العدوان فهو سلوك يقصد به إلحاق الأذى والضرر بالآخرين وممتلكاتهم أو الممتلكات
بحالة شعورية من العداء .
ويشير رسل وكرين وماكوبز ( ١٩٨٥ ) إلى أن العدائية تتضمن مجموعة من مشاعر الغضب
والاتجاهات المعقدة التي قد تدفع إلى السلوك العدواني الموجه نحو تدمير الأشياء وإيذاء
الأشخاص في حين لا يقف مفهوم العدوان عند مجرد مشاعر واتجاهات وإنما هو
. ( ٧٥: سلوك تدميري نحو الأشخاص والأشياء (القرشي، ٩٩٧
: (Violence) ٣-العنف
هارون، ١٩٥٦ ).وهو سلوك ظاهر شديد التدمير، القصد منه إيذاء الآخر كما يحدث في سلوك القتل
. (٢٥: العمد، أو تحطيم الممتلكات ( النمر، ١٩٩٥
 ٢٤ 
ويفرق العيسوي بين العنف والعدوان، فالعنف قد يكون في سبيل الدفاع الشرعي أو لتحقيق
. (١٢٥: أهداف مشروعة كالحروب الدفاعية، أو التخلص من عدوان واقع (العيسوي، ١٩٩٧
ويرى الباحث أن العنف هو آخر حلقات العدوان، وهو مصطلح اجتماعي موجه نحو الخارج
وأما العدوان فهو مصطلح نفسي قد يوجه للذات الداخلية أو للخارج .
(Aggressiveness) ٤-العدوان
وهي حالة من التوتر الفسيولوجي – السيكولوجي بدرجة ما، تسببه منبهات خارجية ضاغطة
.(٢٥ : تهيئ الفرد للاعتداء بطريقة ما بهدف حماية الذات من تهديد (النمر، ١٩٩٥
ومن خلال العرض السابق للمصطلحات ذات العلاقة بالعدوان : الغضب، والعدائية،
والعنف، والعدوان - يرى الباحث أنه ليس بالضرورة أن يؤدي الغضب إلى الاعتداء أو الإيذاء فهذا
ميمون بن مهران يحكي أن جاريته جاءت بمرقة فعثرت فصبت المرقة عليه فأراد أن يضربها فقالت

. (١١٥- فقال ميمون : أحسنت إليك فأنت حرة لوجه الله تعالى (الجويري: ١١٤
فالعدوان استجابة فعلية جسدية أو لفظية – والغضب هو استجابة انفعالية فسيولوجية قد تهيئ
للعدوان، والعنف يتفق مع العدوان في إلحاق الأذى والقسوة ولكنه -أي العنف- لا يكون ملازماً للشر
والتدمير .
*التعريف الإجرائي للسلوك العدواني :
يتبنى الباحث التعريف الآتي " العدوان هو كلّ قول أو فعل أو تقرير لفعل ،أو إشارة يقصد به
إلحاق الأذى ،أو الدمار بالآخرين ،أو بذات الإنسان نفسه ،وهو يمثل الدرجة التي يحصل عليها الفرد
من حيث المتغيرات المقيسة في مقياس السلوك العدواني، ويحدد السلوك العدواني في الدراسة :
بالعدوان نحو الذات، والعدوان نحو الآخرين، والعدوان نحو الممتلكات، والعدوان بالخروج على
المعايير السلوكية المتفق عليها . وها هو تحديد كل منها
١-العدوان نحو الذات :
وهو نوع من أنواع العدوان يتجه نحو الذات وتدميرها، ويتمثل في التقليل من شأن الذات،
والنظر إليها نظرة دونية، إضافة إلى التعصب لبعض الأفكار الخاطئة، وعدم اتباع نصائح الغير
من الزملاء والمحيطين .
٢-العدوان نحو الآخرين :
وهو العدوان الموجه نحو الغير، والخروج على القوانين والنظم المتعارف عليها والمعمول
بها في التعامل بين الناس .
 ٢٥ 
٣-العدوان نحو الممتلكات :
ويقصد به إلحاق الضرر المادي كالتدمير وتخريب ممتلكات الغير من الزملاء والمحيطين،
وكذلك الممتلكات العامة .
٤-العدوان بالخروج على المعايير السلوكية المتفق عليها :
ويقصد به الخروج على القيم والعادات، وخاصة القيم الأخلاقية والروحية والدينية، وعدم
الالتزام ببعض السلوك المقبول اجتماعياً
ثانياً : مظاهر السلوك العدواني :
إن مظاهر السلوك العدواني والتعبير عنه تختلف باختلاف العمر، والجنس، والإقامة،
وأسلوب التنشئة الأسرية، والثقافة، والوضع الطبقي، والمستوى الاقتصادي والاجتماعي .
وتشير هدى قناوي ( ١٩٨٨ ) إلى أن العدوان عند الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة يتضمن
الضرب وتدمير الممتلكات، والهجوم اللفظي ، ومقاومة ما يوجه إليه من طلبات وأوامر .. وأن
بعض الأطفال يكشفون عن العدوان في لغتهم كالتلفظ بالسباب والشتائم، والصراخ، والكلام المتسم
بالسيطرة، و التحدث بما سوف يفعلونه بأشخاص آخرين، وهي تعبيرات تدل على الاستياء من سلطة
الراشدين أو الآباء أو الأقران أو الأخوة أو الأقليات .
وإن التعبيرات مثل : "أنا أحبك" ، و " أنا أكرهك" ، هي التعبيرات التي تدل على رفض
الآخرين … إن الموضوعات التي يتحدث عنها الأطفال كثيراً ما تكون كاشفة .. القتل، الألغاز،
. (٣٠٧ : الحرب، التعذيب، وغير ذلك من مظاهر القسوة (قناوي، ١٩٨٨
أولاً : العدوان من حيث الاتجاه :
هل اعجبك الموضوع :